كيفية الدراسة

كلمة تمهيدية :

سيلاحظ الدارس لهذه التسجيلات أننا نطيل ونفصل ونعلل ، وهو أمر يخالف الشائع عن دراسة المستوى الأول وأنها (تقريرية)، فنحن لا نشرح بمستوى تقرير المسائل فقط – كما نفعل مثلا في إسعاف المريدين – بل نشرح بمستوى التعليل والتأصيل للمذهب في الأذهان ، وهو وإن كان فيه صعوبة وبطء إلاّ أنه يضمن ترسيخ فهم المذهب في الأذهان وضبطه ، وأدعي أن بفهم درس القدوري يتمكن الدارس من قراءة كتب المذهب المتوسطة كالاختيار والجوهرة النيرة وغيرها وحده

ولكن لما كانت الطريقة التي سلكتها في الدرس هي طريقة صعبة وشاقة ، لا يكاد يسير عليها سائر اليوم في دروس الفقه التي نشاهدها ، عمدتُ فيها إلى استخراج علل المذهب التي طوتها العبارات الغامضة وبسطتها كتب المذهب القديمة والمطولة التي هجرها الناس فلم تعد حاضرة ، وفتشنا عن طريقة العراقيين لنميزها قدر الإمكان من طريقة الخراسانيين ، فسلكنا مسلكا وعرا قلّ سالكه ، وعرضنا أنفسنا فيه للخطأ والزلل ..فإن مَن طَرَق ما هُجر من الطرق لم يأمن عاقبة انفراده ، فطال الدرس قليلا ، وعسر فهمه حتى استصعب البعض الفقه جملة ، ويئس بعض الناس من إدراك مراد الإمام ..

والحق أني غير نادم على ذلك ، فإن المُدرس – كما يقول الإمام ابن عرفة المالكي – لابد أن يستفيد منه الحضور فائدة لا يستقلون بإدراكها ، ولو ذهبت أقرر مسائل الكتاب بلا تفهيم ، لما زدت عن بعض التسجيلات التي على النت ولما أضفت للمتعلم مزيد فائدة؟

سؤال:

لم لا ندرس أدلة المذهب الحنفي ، فلا نكاد نسمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكر في الدرس إلا نادرا ، بل غالبا كلها علل و(لأن) و(لكي)؟

فالجواب :

إذا تجاوزنا قضية أن الذي يستدل هو المجتهد ، ونحن بالكاد نحاول فهم المذهب ..فالحقيقة أن الاستدلال يأتي في مرحلة دراسة لاحقة في المذهب (المستوى الثاني والثالث خاصة) ، ذلك أن الاستدلال في هذا المستوى قبل إحكام الأصول ومعرفة طريق النظر سيكون محض (تسويق) و (مزايدة).. فمثلا في البيوع ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط ، وذكرنا هذا الحديث كدليل لفساد البيع بالشروط ..ولكن هل هذا حقا دليل كافي ؟

إن معرفة الدليل تتوقف على التوثق من صحته ، وذلك بمعرفة ثبوته ، وفيها طريقة المحدثين وطريقة الإمام في شروط صحة الحديث ، ثم الوقوف على دلالته وما الشرط المقصود ، ثم الوقوف على ما يعارضه من أدلة (كحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى بعيرا من سيدنا جابر واشترط ظهرها – يعني ركوبها – إلى المدينة ) فظاهره يقتضي صحة البيع مع الشرط ، وحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم صحح البيع وأبطل الشرط في قصة السيدة بريرة . فهذه أحاديث متعارضة في قضية واحدة ..استدل بكل واحد منها إمام صاحب مذهب … فإلقاء الحديث (هكذا) كدليل بدون التفقه والمناقشة على قانون النظر الصحيح هو في الحقيقة ترويج لطريقة ساذجة في النظر الفقهي وتعويد للسامع على سذاجة الاستدلال … والأولى عندي أن نتعلم المسائل ونضبط العلل في هذا المستوى ، فإن تم إحكام العقل بالفروع وتعويد النفس على ضبط الفروع وتم تصور المسائل انتقلنا للخطوة التي تليها وهي النظر في مآخذ هذه الأحكام ومن أين استنبطها الأئمة ، فنبحر في عقولهم ونقف على مآخذهم ومناقشاتهم بشكل جاد يفيد ولايضر ، فنستفيد ونرتقي . وكلهم من رسول الله ملتمس ..غرفا من البحر أو رشفا من الديم

منهج الدراسة الفردية والدراسة عن بُعد :

الكتب وطريقة المذاكرة

كيفية فهم عبارات المذهبتسجيل صوتي

قد تكون مهتماً بها ايضاً

مقالات مشابهه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed